كان في بلاد الهند رجلان أعمى ومقعد اصطحبا في طريق فعبرا ببستان فمالا إليه فراهما صاحب البستان ورأى فقرهما وعجزهما فأراد مساعدتهما فقال يا هؤلاء ما تقولان في أن أدخلكما بستاني فتأويا فيه وتنالا منه ما يكفيكما ولكن بشرط أن لا تقطعا شيا من الثمر فتفسدا الشجر وتذوياه.
فقال احدهما وكيف نؤذيك على بستانك ونحن على ما ترى من الزمانة ( أي ما بنا من عاهة ) وسوء الحال احدنا مقعد والأخر أعمى وأي حيلة لنا في تناول شئ من الثمار وهي في رؤوس الأشجار؟
بعد هذه المقدمة دخلا في البستان بعدما أوصى صاحب البستان الناطور برعايتهما وخدمتهما ومضى صاحب البستان لسبيله فأقاما على ذلك مدة والناطور يؤمن لهما كل ما يحتاجان من الثمر والطعام وقد أينع الثمر وكبر وطاب فقال المقعد للأعمى إن في الأشجار ثمارا لا يحمل الناطور إلينا منها فما حيلتنا في الحصول على شي منها من غير أن يعلم الناطور بذلك.فوافق الأعمى بذلك وأخذا يجيلان الفكر في الطريقة التي توصلهم إلى مطلبهم فقال المقعد للأعمى ما رأيك أن تحملني على كتفيك لأطوف في البستان واقطف لك من كل ثمره أطيبها.
والذي حدث هو عندما خرج الناطور لقضاء بعض حوائجه وأغلق باب البستان نفذا خطتهما ورجعا إلى مكانهم بعد أن افسدا الثمر وعند رجوع الناطور ورأى ما صنعا أتى إليهما وسألهما عن ذلك فقالا لاعلم لنا بذلك فصدقهما ثم كررا العملية وسألهما وأنكرا ذلك وعندما أصبح الصباح أوهم الناطور انه خرج كعادته وكمن في بعض زوايا البستان وكرر الاثنان نفس العملية وفي هذه الإثناء دخل عليهما وامسكهما بالجرم المشهود وقال لهما هذا جزاء من أحسن إليكما أن تعصيا أمره وتفسدا بستانه.
واتفق دخول صاحب البستان في ذلك اليوم فاعلمه الناطور بذلك فقال صاحب البستان لقد استحقا العذاب بما فعلاه ثم أمر عبيده أن يعاقبوهما اشد عقوبة ثم أخرجوهما من البستان والقوهما في البيداء حتى تأكلهما السباع والوحوش .
يمكن استخلاص الصور من هذه القصة وهي
1- شبهوا النفس بالمقعد الذي يبصر ولكنه لا يستطيع انجاز عمل بدون مساعدة الجسد.
2- شبهوا الجسد بالأعمى الذي ينقاد حيث تقوده النفس ويأتمر بأمرها.
3- شبهوا البستان بدار الدنيا والثمار بطيبات الدنيا وشهواتها.
4- صاحب البستان هو الله مالك الدنيا والآخرة.
5- أما الناطور فهو العقل الذي يدل على المنافع والمضار وهو ينصح النفس ويدلها على الفلاح والصلاح.
وأخيرا تقبلوا تحياتي