أيتها الرّوح الطاهرة ...
سلام الله عليكِ أينما كنتِ ترفرفين بأجنحتك البيضاء .
كثيراً ما أقصد روضتكِ ..
لأنني أجد فيها راحة وسلاماً أستطيع أن أخلو بنفسي فأشكي اليكِ أوجاعي
بالنحيب والبكاء.
كثيراً ما أحمل صورتكِ ... لأنني أشعر فيها بالطمأنينة ، وأحسّك الى جانبي كما
كنت ِتهزين المهد لأنام كما كنت تركضين خلفي لئلا احرق يديّ بالنار .
ما أسرع تقلّبات الدّهر... وما أكثر غدر الأيام .
يعتريني الحزن وتضيق بي الدنيا ، كلّما تذوّقتُ رائحة الطعام
وكلّما احترقتْ المنشفة من نار بدني ، بل كلّما أسمع طفلاً ينطق " ماما " .
نعم ! ايتها الفراشة ...
حاولت كثيرا ان اطبق اجفاني كي يمرّ العيد لم أقدرْ
فصورتك لم تبارح دقيقة من مخيّلتي نعم يا امّاه حاولت كثيراً ان أزيد من جرعة المهدّىء
كي يرخي جسمي ويرتاح فكري لم أستطعْ فصوتك الدافىء لم يستقيل لحظة من أذني .
رحلتِ باكراً ... وتركتني أصارع الأقلام وحدي كم اشتقتُ لأن أسمّع لك درس التاريخ،
كم اشتقتُ لأن اخبرك عن الطفلة التي اهدتني وردة حمراء وعن تلك التي قبّلتني في خديّ الأحمر المليء بالخجل .
آه لو تدرين يا أمي ... مذ رحلتِ عني، لم أذق رغيفا كرغيف حنانك الطازج
بحياتك يا امي .. مذ تركتني لم أحظ بعطر ، كالعطر الراقي المصنوع من مسامات جلدك .
أجل ... فقد طال بي الليل حتى ظننت ان ليس له صباح ... حاولت جاهدا ا
انسى فلم تنفعني قراءة الكتب
بالله .. كيف انام وغدا اول عيد يمضي بدونك يا امّاه .
كل عام وانتِ ملاك تحومين فوق رأسي .
يا ملاكي ... غدا سأصبّح قبرك بالقبلات
وأضيء الشموع وأنشد لك أنشودة الميلاد
غدا سأصبر على دمعتي ولن أجعل الحزن مرساتي سأتكلّم وأضحك كالمجنون وحدي
أعرف يا أمّاه ان روحك ستكون معي وانّك ستصغين الى ضحكتي والى كل حرف من كلماتي .
عذرا يا أمي ... فأنا لن اطفيء الشمعة ولن اخرج من عالمك الاّ بعد ان تلمسها
روحك ... الا بعد ان أطمئنّ أنّك مازلت تخافين عليّ ... وأنّك ما زلت ترافقينني حيثما كنتُ .
أيّتها الر وح الطاهرة...
عليكِ مني سلام الله ، أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار .
عليكِ مني سلام الله ، وعلى أرواح كل الأمهات الطاهرة ألف سلام [center]